الجمعة، 7 نوفمبر 2014

قصة " جريمة العناصر الهاربة"





جريمة العناصر الهاربة
***
كنت أنا الرحالة ارتدي معطفاً سميكاً ابيض اللون و اعتمرت قبعتي المُزينة بالريش حيث غطت معظم وجهي ,وقميصاً يتضح لونه البنفسجي القاتم مع بنطال و حذاءٍ أسود.
كنت اردد في سريرةِ نفسي "نعم أنا الهيدروجين ,ذا المرتبة الاولى في الجدول الدوري ,سأجوب عالم العناصر بقي القليل و انهي رحلتي حول عالمي الجميل ...ها أنا ذا امام القرية ...قرية النيتروجين إنها القرية الخامسة عشر في عالمي "
كنت ارى لوحتها من بعيد عبر منظاري لكن هناك شيء اثار الريبة في نفسي كانت مغطاة بالغبار و قد خاطت العناكب بيوتاً على جانبها ,لكن هذا لم يمنعني من التقدم فمشيت اصبحت أمام مدخل القرية لكن ...كانت القرية خاوية  و الاكياس تتطاير في الهواء التي امتزجت مع قذارة المكان ,شعرت بالخوف و انا اسير في القرية الخاوية ابواب الدكاكين مفتوحة على مصراعيها و لا ترى فيها غير الذباب و الحشرات تسكن فيها ولا عنصر من العناصر هناك في القرية بدأت أطرق ابواب العناصر بدأت بالنتروجين فالفسفور ثم الزرنيخ و التالي الأنتيمون و أخيراً وصلت إلى اخر بيت في القرية بيت البزموت
لكن لا أحد يجيب كانت كل الابواب التي طرقتها بلا فائدة حتى بعد ان دخلت المنازل لا أحد ولا وجود لدليل حياة فيها
اقتحمت بيت البزموت  و كان كسابقه من البيوت , بدأت ابحث في ارجاء المنزل
فتحت الثلاجة و وجدت كأساً شربت منه بعض الماء ..كان منعشاً جداً وذا طعمٍ خاص  ...
وجدت اريكة فجلست لأرتاح و أفكر في وضع هذه القرية كيف انقلبت الاحوال ؟ و أين العناصر التي كانت تعيش هنا ؟
اطلقت تنهيدة طويلة و بدأت أجول في نظري بين أرجاء المنزل وقعت عينياي على مذكرة صاحب هذا المنزل مرمية على الارض نهضت و امسكتها و رأيت منديلاً خارجاً من اطرافها
قلت :لا بد انها علامة لشيء ما , ربما ارادني ان ارى هذه الصفحة
فتحت الصفحة التي بها المنديل و ازلته وهناك قرأت عجب العجاب !! كيف تفعل العناصر هذا الفعل الشنيع !! ,كان قد كتب في المذكرة بخط سريع مرتعش
"إلى من يجد مذكرتي ...
ها أنا اكتب بخوف ما يخطط له ملكنا "النيتروجين" انه يخطط لأن يأخذنا معه - كل سكان القرية الخامسة عشر إلى عالم البشر ...اقتربوا انهم قادمون نحو منزلي سيأخذني أنا خائف ...لذا سأختصر الموضوع من يستطع انقاذنا هو شخص يجب ان يتميز بالذكاء , سمعت ان البوابة التي سنخرج منها إلى عالم البشر تحتوي مفتاحاً و رمزاً سرياً وقد عرفته لكنني لم اخبرك –يا من تقرأ- عنها مباشرة فيجب ان تكون ذكياً لتستطيع انقاذي ,حل هذه الشفرة التي ستقودك إلى البوابة ...
-         طريق البوابة "النصف"
خطش – ضذخيم
-         رمز عبور البوابة "رقم ابجد"
أيبر
لقد وصلوا ...ارجوكم اسرعوا ,انقذونا ...فـ "
هذا اخر ما كُتب اقتطعتُ الورقة من المفكرة و دسستها في جيب معطفي خرجت من المنزل و اخرجت الورقة وبدأت أفكر فيها
قلت : ما معنى ما بين القوسين ؟ النصف ...! رقم ابجد ..! ,ربما هو تلميح –فكرت جيداً بكلمة تلميح ,جلستُ على الارض و بدأت ارسم على الرمل ما خطر على بالي من حل ... بدأت بالشفرة الاولى و قلت : نصف , ربما نصف عدد الاحرف تقابلها النصف الأخر و حينها كتبت على الرمل بأصبعي الاربعة العشرة الاولى و قابلتها بالأحرف الاربعة العشر الاخرى و حصلت حينها على ...
أ=ض
ب=ط
ت=ظ
ث=ع
ج=غ
ح =ف
خ=ق
د =ك
ذ=ل
ر=م
ز=ن
س=هـ
ش=و
ص=ي

استبدلتُ كل حرف بما يساويه فحصلت على "قبو القصر"
خ=ق | ط =ب | ش=و 
 ض=ا | ذ=ل | خ=ق | ي=ص | م=ر
ذهبت بسرعة بالغة إلى القصر و نزلت إلى قبوه و وجدت هناك بوابة كبيرة مُحاطة بموجات كهرومغناطيسية قاتلة , اقتربت منها فوجدت شاشة صغيرة تطلب مني إدخال الرمز السري لعبور البوابة
قلت : يجب عليّ أن احل الشفرة الثانية "أيبر" و التلميح (ابجد)
بدأت أكرر :ابجد ,ابجد –ضحكت أعلم انه ليس وقت الضحك لكنني تذكرت انشودة في احد قنوات الأطفال التي تقول "ابجد كوكبي ابجد ...من البداية من جد وجد"
صمت فجأة وقلت "ابجد , هوز ,حطي ,كلمن ,سعفص ,قرشت ,تخذ ,ضظغ"
و أكملت : نعم إنها الحروف في العربية و طريقة حسابها ,فكر ...فكرت و تذكرت ان هناك طريقة لحساب الجملة –صحيح و تذكرتها في عقلي كنت احفظها عن ظهر قلب لأنني كنت احب الشفرات وحساب الجمل و استمتع بها ...
أ= 1
ك= 20
ش= 300
ب= 2
ل= 30
ت= 400
ج= 3
م= 40
ث= 500
د= 4
ن= 50
خ= 600
هـ= 5
س= 60
ذ= 700
و= 6
ع= 70
ض= 800
ز= 7
ف= 80
ظ= 900
ح= 8
ص=90
غ= 1000
ط= 9
ق= 100
-------
ي= 10
ر= 200
-------
و هكذا ادخلت الارقام بعد ان عوضتها في الحروف فأصبحت الارقام
1 10 2 200
و بعد هذا بدأت الموجات تتحرك و تتجه إلى البوابة بسرعة فائقة حتى شكلت غيمة اشبه بالضبابية و فتحت ممراً يتجه نحوها , استجمعت شجاعتي و مررت فيه اصبحت امام البوابة خطوة واحدة و أدخل إلى مصير لا أعرف ما ينتظرني هناك لكن قبل أن ادخل , اوقفني صوت عالي قال لي "الاستقرار هي الطريقة التي تجعل العناصر يعودون إلى عالمنا ...عالم العناصر ستكون بحوزتك 15 عشر من الاعداد الذرية تُعطي كل عنصر ثلاثة و يستقرون –ثمانية الكترونات- و يعودون إلى القرية ...
فجأة و من دون سابق انذار اتتني دفعة قوية من الخلف و اُدخلت عبر البوابة الضبابية , وجدت نفسي في عالم البشر ...
بدأت اتجول هنا و هناك و أجمع الاخبار و اخيراً عرفت كل الحقائق و هدف الملك "نيتروجين" إنه يريد ان يسيطر على عالم البشر فأستخدم العناصر بشكل سيء تضر بالبشر
فكانت النساء تشتكي من ذوبان الذهب الخاص بهن ,و بالطبع هذا بسبب النيتروجين
فمركباته معروفة في العصور الوسطى، وعرف الكيميائيون حمض النيتريك باسم الماء الشديد aqua fortis، وخليط حمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك عرف باسم "الماء الملكي"، المعروف بقدرته على إذابة الذهب.

قررت حينها الذهاب له اولاً و اعادته بما انه الملك و الرأس المدبر لهذه الخطة ...
علمت بمكانه من خلال اصدقاء آخرين يعرفون بالدمار الذي سببه النيتروجين وشعبه المسكين ...
كان يعيش في أحد قصور البشر في مكان لا تستطيع عيون البشر رصده ...
قلت له : اهلاً بك أيها النيتروجين
اجابني بتكبر و صوتُ يملؤه الغرور : اخرج , ماذا تريد ايها الهيدروجين و كيف خرجت إلى عالم البشر
اجبته : لا يهم , اخبرني ماذا فعلت بالبشر ؟
اجابني و وتيرة صوته لم تتغير : أريد ان اسيطر عليه , سأدمرهم سأدمرهم , ارسلت جيوشي و سيطرت على عقولهم و الآن هم يعملون تحت امرتي و يفعلون أي شيء آمرهم به بلا تردد أو خيفة أو احتجاج
ابتسمت بثقة و قلت : هل تعتقد انك ستنجح ؟
رفع احدى حاجبيه في تسائل : وهل ستوقفني ؟
قلت في نفسي : احمق , الغرور علاجه شيء واحد –اقتربت منه و قلت له : ابداً ايها الملك الموقر لقد احضرت لك خاتماً من الذهب لكي تستمتع انت و مركباتك بإذابته –اخرجته من معطفي و اعطيته اياه
قال بإعجاب : جميل , يليق بمقام ملكٍ مثلي
قلت بسخرية : نعم , نعم
كنت اعرف ماذا سيفعل هذا الخاتم فعلاً , ففي الطريق جهزت كل الادوات التي احتاجها لإعادة العناصر إلى عالمنا
ارتدى الخاتم و فجأة بدأ بالتلاشي قال لي وهو ينظر إلى نفسه و بصوتٍ مرتعش : ماذا فعلت؟
قلت له بثقة تامة : النيتروجين , لا فلز ,عددك الذري سبعة أخر مجال في طاقتك
2s2 2p3
تنقصك ثلاث الكترونات و تستقر , و الطريقة لإعادتك إلى عالمك هي استقرارك
بدأ يسب و يشتم , لكنني تركته و خرجت من المكان الذي هو فيه

***

 و اتجهت إلى عنصر الفسفور
كان مجرماً و يسبب الأمراض للناس فقد كان يدخل إلى اجسامهم و يتكاثر هناك مما يسبب تقليل امتصاص المعادن الاخرى ثم يقوم بسحب اغلب الفسفور في الجسم و يخرج منه مما يسبب الضعف في جسد البشري و يصبح الأنسان طريح الفراش
رتبت معه موعداً و خدعته بقولي انني اريد مقابلته و سأدله على جسد سيكون بمثابة وجبة غنية له , ستكون لذيذة و جسد بشري لم يسبق له رؤيته ...
رأيته ,كان في حال يُرثى لها رأيت عليه ختمَ غريب فعلمت انه ختم الملك الذي ظننت انه بمجرد عودته سيعودون معه , على كُل حال
قابلني في حديقة عامة و قال لي : أين تلك الوجبة الغنية
اجبته : انها وجبة مميزة يجب عليك ان تلبس هذا الخاتم لكي تراها
نظر اليّ في تشكك و قال : وكيف ان يظهر لي بشري بمجرد ارتداء هذا الخاتم ؟
قلت له : لأن هذا البشري ساحر
قال لي بتلهف وهو يأخذ الخاتم من يدي ويرتديه : شكراً
لاحظت أن الختم بدأ يتلاشى و عاد الفسفور في حالته الطبيعية و قال :تحررت , لعنة الملك ..تحررت منها –بدأ بالتلاشي  بعدها وقد كان يختفي وهو يردد "شكراً ايها الهيدروجين"
***

 الانتيمون  ,الذي نشر مرض حمى الأنتيمون ...
ذهبت إلى حقل الصناعات الكيميائية , وهناك وجدت الكثير من العمال مما يعملون في إذابة و صهر سبائك الأنتيمون قد اصيبوا بهذه الحمى التي من اعراضها فقد الشهية والآم المعدة والإرهاق والسعال  وضيق التنفس ونقص الوزن وضغط الدم قد يتطور السعال إلى نزلة شعبية مزمنة و غيرها من الاعراض , التي تأتي بسبب الابخرة المتطايرة منه اثناء صهره
قابلته في أحد الحقول ...
بدأت الحديث قائلاً : ما الذي تفعله هنا ؟
اجابني الأنتيمون : البشر هم من يحتاجونني
اجبته : صحيح , و طبيعتك الكيميائية عن اذابة مجموعة من سبائكك تعمل على إظهار الابخرة لكنك تتعمد إظهارها بشكل أكبر و بشكل مُضاعف و خاصة في اوجه العمال و جلودهم مما سبب لهم الأمراض
اجابني ببرود : إنها اوامر الملك النيتروجين لا دخل لك بها ايها الهيدروجين
قلت له : سأتدخل و امنعك
قال لي بغضب : أذهب بعيداً عني و لا دخل لك إن كنت اتعمد اظهارها فلا يهم فسيحكم شعب الملك نيتروجين البشر قريباً و نسيطر على هذا العالم
تصنعت الخوف و قلت : اعتذر ...إن كُنت قد ازعجتك
اجابني : وهل تعتذر ببساطة هكذا !!
اخرجت الخاتم وقلت له : هذه هدية لك اتمنى ان تسامحني
اخذ الخاتم من يدي بكبرياء و ارتداه و قد حصل له كما حصل مع الفسفور اختفى الوشم ذلك الختم الغريب و بدأ يتلاشى و قال بسعادة : سأعود إلى عالمي , كيف فعلت هذا ؟ و  شكراً لك ...اعتمد عليك في اعادة الباقي
قلت له قبل ان يتلاشى من أمامي تماماً : الانتيمون , شبه فلز ,عددك الذري 51 اخر مجال لطاقتك
5s2 5p3
و لكي اعيدك لعالمك يجب ان اجعلك تستقر و تحقق القاعدة الثُمانية و تنقصك ثلاث الكترونات و الان هذا الخاتم منحك اياها
ابتسم لي و ظل يلوح لي بيده حتى اختفى عن ناظري
***
 اخرجت الورقة من جيبي و بدأت اتأملها و أنا في طريقي إلى كاتبها , إلى البزموت ...
شعرت بأسى شديد على ما حصل له كان خائفاً و الان هو تحت سيطرة ختم الملك نيتروجين و اصبح الان ساماً , نعم اصبح ينشر ابخرته بين بني البشر حتى تدخل عبر اجسامهم قد نتجت عن ابخرته حالات تسمم تتميز بالتهاب المعدة الحاد، والتهاب المعوي الأمعائي مع إسهال وتقيء. ويمكن أن يظهر الألبومين في البول، وقد تحدث الوفاة نتيجة انهيار الدورة الدموية...
رأيته بمجمع تجاري ينشر ابخرته , فأستدرجته إلى خارج المجمع إلى مكان خاوي من أي أحد ...
رأيت في عينيه الم لكن الرمز الغريب كان الغالب على تصرفاته فاخرجت له الورقة
قال لي :يا ذرة الهيدروجين ماذا تفعل هنا؟
اخرجت الورقة و اعطيته له و قلت له : بطلبٍ منك
رأى الورقة فرأيت الخوف و الذعر في عينيه التفت يمنة و يسرة فمزقها الى قطع صغيرة وهو يتنفس بصعوبة
قلت له : اهدأ ,ما بك؟
قال لي بخوف : هذا مخالف لقوانين الملك ..انا ..انـ..ا لم اكتبها ..صحيح .هذا.. هذا ليس خطي انه انه...
قاطعته و قلت له : اتيت لك بهدية من الملك –اخرجت الخاتم و قلت له : طلب مني اني اعطيك اياه
اخذه بسرعة فحالة الذعر التي هو فيها لم تجعل له مكان للتفكير , وضعه في اصبعه الذي مازال يرتعش
اختفى الوشم ذلك الرمز الملعون و عادت الى عينيه السعادة , صافحني و قال : ليس برغبة مني , انني مرغم لم استطع التحكم كلما اردت التوقف يؤلمني الوشم و جسدي يتحرك تلقائياً أنا اسف
قلت له : ذهب الوشم , وستعود للديار ...انت فلز ,عددك الذري 83 , اخر مجال لطاقتك هو
6s2 6p3
ينقصك ثلاثة لتستقر و عندما تستقر تعود لقريتك و هذا الخاتم يحوي الثلاثة التي تحتاجها و الأن ستعود
 ابتسم و قال :شكراً لك –صمت للحظات و طأطأ رأسه خجلاً و اكمل : انا اسف مجدداً
وضعتُ يدي عليه وقلت له : بل شكراً لك فبفضلك استطعت اني آتي هنا و اعيد الجميع لكن بقي عنصر الزرنيخ
قال لي وهو يتلاشى : احذر , إنه خطر ...خط..
لم يكمل ما قاله فقد كان قد ذهب فعلاً , اخرجت الخاتم الأخير و بدأت اتأمل فيه
***
كنت أمشي , و شد نظري بشري كان مستلقي و كأنه نائم اقتربت منه و شممت رائحة أميزها و اعرفها جيداً ...فحصت الجثة و عرفت ان صاحبه قد مات قبل ساعة واحدة تقريباً ...يجب ان أسرع فبعد ساعتين يُمحى أي اثر لهذا السم الخطير , لا يجب ان يبتعد كثيراً
بدأت اتبع رائحته , و انا اسأل : ماذا يعني البزموت انه خطير!!
اخرجت الخاتم و جعلته براحة يدي و قبضت عليه بقوة عندما استطعت اللحاق به
استدار اليّ و قال مع ابتسامة مكر : هل تعتقد ان ذرة ضعيفة مثلك ستهزمني؟
قلت له : ماذا تفعل ؟ و بأي يحق تفعل هذا؟
لم يغير نظرته اليّ و قال :لأنني الزرنيخ , شبه فلز و بأمر من حاكم قريتنا الخامسة عشر بدأت انشر سمومي في الجو و الماء
اجبته بغضب : وهل تعتقد انك تملك الحق في نشر سمومك؟
اجابني الزرنيخ : انا مسحوق قابل للذوبان في الماء والجرعة القاتلة مني تتراوح بين  60 إلى 20 ملليجرام ويتم امتصاصي عن طريق الأمعاء ببطء حيث تظهر الأعراض بعد فترة زمنية تتراوح من ربع ساعة إلي عدة ساعات . وهناك صورة أخرى ليّ وهي غاز الزرنيخ ويتم امتصاصي عن طريق الاستنشاق إلي الدم مباشرة وتشكل كميات ضئيلة مني في الهواء المحيط خطراً شديداً إذ تؤدي إلي التسمم الحاد في صورة تحلل كريات الدم ويتولد الغاز من معالجة المعادن المحتوية علي شوائب الزرنيخ – شوائبي أنا -بالأحماض أثناء تنظيفها.
قلت له : و إن تُركت الجثة ساعتين في الهواء الطلق فأن اثرك يُمحى نهائياً و كأن البشري مات ميتةً طبيعية
اجابني بسخرية : اوه يبدو ان معلوماتك واسعة و لكن –حول نظراته الى غضب و أكمل : لقد سمعت عن ما فعلت بالملك , و بباقي الشعب هل تعتقد انني سأهزم على يديك ؟ ابداً و الف لا
اخرجت الخاتم و قلت : ارتديه ستعود إلى حالتك الطبيعية , انت سم قاتل و بني البشر يستخدمونك بطريقة بشعة في قتل بعضهم البعض ...
قاطعني وهو يأخذ الخاتم ورمى به على الارض بقوة , تطايرت منه قطعة واحدة مما سبب فقد في العدد الذري الذي في الخاتم و اصبح يحتوي على اثنين فقط من الالكترون
قال بسخرية : و الان ؟ هل سأستقر لا ؟ -اخذ الخاتم و ارتداه و قال ليّ بغرور : كل جهودك ذهبت سدى انظر لم يحدث أي شيء لأنني لم اصبح مستقراً هذا يعنني انني لن اعود و سأستمر في مهمتي في قتل بني البشر و السيطرة عليهم
لم استطع التكلم حينها وقفت حائراً ماذا سأفعل , جهودي ؟ اين هيّ هل سأجعله يهرب و يستمر في ايذائهم ؟ لالالالا لن افعل هذا بالطبع
قلت في نفسي : التضحية من أجل غيرك , هذا ما سأفعله
نظرت له بتحدي و قلت له : عددك الذري 33 أخر مجال في طاقتك
4s2 3d10 4p3
و بطبيعة الحال d لا تحسب أي انك لتحقق القاعدة الثمانية تحتاج إلى ثلاثة الكترونات اخرى لكنك بتحطيم جزء من الخاتم ذهبت احدى هذه الثلاث بعيداً أي انك الان تحتاج بديلاً عنها
نظر ليّ بسخرية و قال : وهل سوف تطير لتمسكها؟
قلت له مع ابتسامة ثقة : أنا الهيدروجين , لديّ هذا الالكترون
و قفزت عليه بقوة و اخرجت الكتروني الوحيد و اصبح عدد ذراتي صفر , رأيته يتلاشى ثم ...لا شيء !!!
هل مت ؟ ماذا حصل ليّ ؟ لا يهم ماذا حصل ليّ المهم ان القرية عادت كما هي –ابتسمت-
***
اذابة ذهب النساء بسبب مركبات النيتروجين
ضعف الجسد و تقليل امتصاص المعادن الاخرى بسبب الفسفور
التسمم و الموت بسبب عنصر الزرنيخ و سمه القاتل
حمى الانتيمون و اعراضها المؤلمة بسبب عنصر الانتيمون
البزموث , و ابخرته السامة ...
و أنا , ماذا حصل لي –صوت يتسلل إلى اُذني ...
فتحت عيني و إذا أنا في القرية في بيت البزموث مجدداً على الاريكة ذاتها , هلا كنت احلم ؟ ...
فتح الباب و دخلوا سكان قرية الخامسة عشر في عالم العناصر تقدم ملكهم و قال : اعتذر منك عما بدر مني
قلت له في تعجب : ماذا حصل معي ؟ كيف عاد اليّ عددي الذري الذي فقدته؟
اجابني الزرنيخ : كأس الماء الذي شربته من الثلاجة هو السبب , أنا اسف لما فعلت معك
استوعبت و قلت في سعادة : إذن كأن ذلك كالمعزز في حالة فقداني لذا شعرت بأنه منعش جداً و اعطاني طاقة في بدني وعدت من عالم البشر الى عالمي , عالم العناصر مجدداً !
-نهضت و قلت : شكراً لكم ,خضت مغامرة ممتعة
الانتيمون : إلى اين ؟
ابتسمت وقلت : لأكمل رحلتي في عالم العناصر –اخرجت لساني وقلت ممازحاً : ايتها العناصر المجرمة الهاربة
ضحكنا ...و دعتهم و الان اودعكم سأذهب إلى رحلة جديدة في قرية جديدة
إلى اللقاء ...محبكم :ذرة الهيدروجين




بقلم : حوراء العريفي  



الأحد، 2 نوفمبر 2014

البارت الخامس و الأخير من رواية لهذا اصبحتُ محققاً

 


قالت ليّ متسائلة :إذاً لما استيقظت مبكراً؟
قلت لها مع ابتسامة مكر :أنستازيا ستزور هنري
قالت ليّ وهي تجمع الصحون من على الطاولة :لما؟
قلت لها و أنا اجمع معها :أريد ان اعطيه الامان لأخر لحظة فقط لا غير –اخذت الصحون من يدها و قلت لها :سوف أغسل الصحون عنكِ
ضحكت وقالت :انك سعيد جداً لتساعدني في كل هذا
قلت لها :نعم سعيدُ للغاية
انتهيت من غسل الصحون و تنكرت من المنزل مباشرة بشكل أنستازيا ,اخذت سيارة أجرة إلى شركتنا و اخذت شهادة وفاة جيرو منه و توجهت إلى مكتب هنري
طرقت الباب طرقتين ...
سمعت صوته من خلف الباب :من هناك؟
لم اجب بل اكتفيت بطرق الباب مرة اخرى
قال :من؟
كررت فعلتي ,سمعت صوت خطوات علمت انه نهض ليفتح الباب و تفاجأ عندما فتحه وقال :أنــ...ستاز..يا؟
دخلت إلى المكتب وقلت :لما الدهشة ؟
اغلق الباب وقال :هذا ليس موعدك؟ -وسار وجلس على كرسي مكتبه
استدرت- و على غير العادة - ذهبت وجلست على طاولة مكتبه أمامه وقلت له :اشتقت لك يا عزيزي
نظر اليّ وقال :تبدين في مزاج جيد على عكس الامس
قلت له و انا اضع قدماً على الاخرى :نعم ,هذا ما يبدو يا عزيزي
قال لي وهو يقرب كرسيه مني :وما هذه الزيارة المفاجئة؟
اخرجت ورقة من الحقيبة وقلت :انتهيت من امر ذلك العجوز ,فقد ذهب إلى العالم الاخر
اخذها مني وقال :وفاة جيرو.!!! –وضعها على مكتبه  بعد ان نظر إليها وقال :انتِ مدهشة
قلت له :هل ليّ بسؤال ؟الفضول و هذا هو طبع النساء كما تعلم يا عزيزي
قال ليّ بصوته المقزز وهو يمسك بيدي :بالطبع آنستي الجميلة
سألته قائلاً :لِما قررت الانتقام مجدداً ؟اعني محاولة قتل تلك العجوز الشمطاء و جيرو و املاكه و الان قد ذهب للعالم الاخر لما كل هذا و انت قد قتلت صديقه و زوجته و اخذت بيتهم إلا يكفيك ما فعلته سابقاً؟
ترك يدي و قال :تلك العجوز ربت ابن مارتين الذي اصبح محققاً مشهورَ نسبياً وهو مازال في المدرسة الثانوية و بالطبع سيعود للأنتقام مني في أي لحظة فنظرته ليّ ذلك اليوم التي اخذت منه منزله و في يوم جنازة والده و نظرته للمفتش بورو تيكل كلها تؤكد انه سيعود للأنتقام منا مجدداً لذا قررنا ان نقطع كل السبل التي قد تجعله يفكر بذلك.
نهضت من على المكتب و قلت :إذاً روك لي أخاف هنري كريتول؟
نظر اليّ بغضب و قال :ماذا قلتِ؟
سرت و وقفت خلف كرسيه وتدلى شعري الاشقر الطويل جانباً وقلت :اوه اسفه أن كنت اغضبت عزيزي
تنهد وقال :هنري لا يخاف
ادرت كرسيه وجعلته أمامي وقلت :هل تريدني ان أخذ النصف الأخر منه كتعويض على إغضابك؟
نظر اليّ بتحدٍ وقال :هل تستطيعين ؟انه ذكي جداً
قلت له :ماذا إن قلت لك انك ستراني معه ومع خالته عصر اليوم؟
قال ليّ بتشكك :هل فعلتِ شيء لم اخبرك به؟
نفيت وقلت :و هل أتجرأ ان افعل شيء بدون امرٍ منك عزيزي هنري؟
نزع نظارته وقال :اعتمد عليكِ اذاً ,امامكِ من الان إلى وقت العصر لتصبحي بينهما
ابتسمت وقلت :اه ,اعتمد عليّ ,سأذهب الان يجب ان استغل الوقت
قال ليّ :اعتمد عليكِ آنستي الجميلة
-خرجت من مكتبه و توجهت مباشرة إلى الشركة عند جيرو ...
استقبلني و قال :لقد مدحكِ كثيراً بعد خروجكِ عزيزتي أنستازيا
تجاهلته تماماً وقلت :اريد كل الاوراق في ملف لأتأكد منها بالإضافة إلى جميع الاشرطة .
ضحك وقال :تغيير جذري في الحديث –فتح أحد الادراج وقال :تعال و اجلس هنا كل شيء –اخرج ملف و وضعه على الطاولة.
سحبت كرسي وجلست بجانبه وقلت له :عمي جيرو...؟
استدار اليّ وقال :ماذا؟
عانقته بقوة وقلت له :شكراً لأنك وثقت بي منذ كنت صغيراً ,ِشكراً لأنك كنت سنداً لي ,شكراً لأنك كنت بجانبي دائماً شكرا على كل شيء عمي جيرو أحبك كثيراً.
ابتسم وقال :لا داعي لشكري ابني روك ,و انا احبك ايضاً
تركته وقال ليَ :هل تريد شاي بالنعناع؟
ابتسمت و قلت :سيكون ممتاز وخاصة و انا أراجع كل هذه الأوراق
بعد ان طلب لي الشاي و طلب له القهوة قال :لقد اخبرتني الخالة جين عن موضوع بيتكم
اومأت له وقلت :نعم ,هذا ما أريده ان يحدث
حدثني وقال :اعرف شخصاً غني عجوز اخبرني قبل عدة اسابيع عن نفس الفكرة التي تريد عملها فما رأيك ان نعطيه المنزل ليسكن فيه الاولاد اليتامى وهو سيهب كل أمواله لهم بما ان لا وريث له.
قلت له :لكن... –صمت ولم أكمل
قال ليّ :ما رأيك بمقابلته؟
قلت له :ارشدني انت اخبرني هل هو فعلاً مستعد ليهتم بهم و لن يبخل عليهم في شيء؟
اجابني :نعم ,اعرفه انه ليس من هذا النوع وحتى ابيك مارتين كان يعرفه و كان يعامله كأبيه لذا انا متأكد انه سيعتني بالمنزل و من يسكنه
ابتسمت وقلت :إذاً المنزل له
مر الوقت بسرعة ,كتبت حينها رسالة لأم توني اخبرتها بأنني حققت الحلم اخيراً , حان وقت الذهاب لمركز الشرطة خرجت انا و العم جيرو من الشركة ومررنا على خالتي
دخلنا المركز و توجهنا مباشرة إلى رئيس المركز و بعد محاولات عديدة استطعنا الدخول من دون المرور عند المفتش بورو تيكل ...
كان ذا صوتٍ اجش وضخم الجثة و قال :من انتم ولِما اصررتم على الدخول اليّ مباشرة ؟
قلت له :عذراً على ازعاجك حضرة الرئيس ,انا روك لي
اجابني :روك ؟محقق الثانوية ماذا تريد يا بني؟
اجبته :اريدك ان تلقي القبض على قاتلي أمي و أبي
دُهش وقال :قاتلي امك و ابيك؟
قلت له :نعم ,قاتلي امي و ابي
اجابني :لكن والداك توفي في حادث سير بسبب عطل في المكابح!!
نفيت وقلت :لا بل بسبب عبث في المكابح
قال ليَ مصراً :التقارير التي و صلتني من بورو تيكل تثبت ما أقول
قلت له :بورو تيكل ؟انه مجرد اداه دسها مجموعة من الاشخاص لكي يخرجهم كالشعرة من العجين إذا وقعوا في مصيبة.
نظر اليّ بتعجب ولم يتكلم
قال حينها العم جيرو :عفواً ,انا جيرو جنجر سوف أشرح لك كل شيء ما حصل بالتفصيل حتى قبل وقوع الجريمة.
نظر اليه في تشكك ثم قال :حسناً –نظر إلى خالتي وقال :و انتِ؟
اجابته خالتي برسميتها المعتادة :جين جوليم حضرة الرئيس
اخرج العم جيرو ملفاً من حقيبته السوداء و قال :هل يمكنني بدأ شرح كل شيء؟
قال الرئيس :اجلسوا جميعا و تكلم سيد جنجر
جلس عمي جيرو و اخبره كُل شيء من تهديد هنري لأبي حتى خطتنا إلى هذه الساعة ...
قال بعد أن سمع عمي جيرو و الاشرطة التي فيها اعترافات هنري و اخوته و اخرجت له العلبة التي تحتوي على بصمات المفتش و صوته وهو يقول كيف اخرج هنري و اخوته من موضوع قتلهم لأبي و أمي ,سمع و رأى كل شيء
قال :كل هذه الامور تحدث!!!
قلت له :هل تريد ان تسمع اعتراف مباشر منه و الان ؟
قال :اتستطيع؟
قلت له بسخرية :أنستازيا تستطيع –اخرجت هاتفي و اتصلت عليه و وفعّلت زر مكبر الصوت وبدأت اتحدث بصوت أنستازيا :اهلاً عزيزي هنري
هنري :اهلاً آنستي اللطيفة ,هل استطعتِ فعلها؟
اجبته :أنا في بيتهم ,بصفتي فتاة تطلب المساعدة عندما أحتال عليها شخص يُدعى هنري و بالطبع بما أنهم يعرفونك استقبلوني
هنري :إذاً يثقون بكِ ثم تفلسين بهم صحيح؟
قلت له :وماذا تتوقع من آنستك اللطيفة ,على كل حال احتاج معلومات دقيقة لما فعلته مع أم و أب روك...
هنري :في البداية ذهبت لمنزلهم و اعطيت أبنهم روك تهديداً كتب بحبر من النوع الذي يختفي عن الورقة بعد مدة ,بعد منتصف الليل اتيت بميكانيكي ماهر في السيارات اعطيته الكثير من النقود مقابل تعطيل المكابح بحيث تبدو انها لم تعبث بها و انها مجرد عطل عابر...
اشار لي المفتش بأن هذا يكفي فأشرت لخالتي فظهر صوتها من خلال الهاتف وهي تقول :عزيزتي أنستازيا تعاليّ لتناول الطعام...
اخفضت صوتي وقلت :عزيزي إلى اللقاء سأراك عما قريب ,قريب جداً
قال :حسناً وداعاً آنستي اللطيفة.
اغلقت الخط وقال الرئيس :سأحضرهم الان وفوراً –نهض وقال :عن اذنكم سأذهب و اعود أتمنى ان تبقوا هنا فنحن نحتاج شهادتكم
ربع ساعة و اصبح كل من هنري كريتول ,أوليس كريتول ,يورك كريتول ,بورو تيكل أمام الرئيس ,و أمامنا نحن لم يعلموا كيف حدث هذا ومن دون سابق إنذار ,جيرو على قيد الحياة!!! أين أنستازيا!!! كل هذه التساؤلات بدئوا بطرحها
قلت لهنري :لم اعلم بأنك ذكي ,علمت بأن روك سيعود ليأخذ بحق أمه و أبيه ومنزله
نظر اليّ في دهشة وقال :ماذا تعني؟
حولت صوتي إلى أنستازيا وقلت :اوه عزيزي هنري ألم تعرف آنستك اللطيفة؟
صدم الاربعة ,تحجرت عيونهم دهشة لم ينطقوا بكلمة لمدة دقيقة كاملة بعدها قال أوليس :حقير
امسكت بياقة قميصه بغضب وقلت :انت الحقير ,حددت مصير أمي و أبي وكأنهما لعبة لديك هل تعتقدون أنني سأسامحكم؟
امسكتني خالتي وقالت :عزيزي روك اهدأ
جيرو :حمقا ,تعتقدون أن أنستازيا خدعتني بينما ما حصل العكس
اسمعهم الرئيس الاشرطة المسجلة ,و اراهم الاوراق التي تدينهم
بعد مدة من التحقيق , حكم على الاخوة الثلاثة السجن المؤبد تحت تهم :القتل ,محاولة القتل ,الاحتيال ,السرقة ,الاختلاس
و المفتش بورو تيكل حكم عليه بالسجن المؤبد :للتقصير في العمل ,التستر على المجرمين ,تهريب مواد كيميائية قاتله ,العبث في قاعدة بيانات الشرطة
استعدت منزلنا لكن كما قررت سابقاً فقد اعطيته لذلك العجوز كان لطيفاً جداً عندما قابلته و ارتحت وشعرت انه فعلاً سيهتم بهم...
كانت خالتي قد عادت إلى الشقة و العم جيرو إلى منزله بينما أنا قضيت ليلتي عند قبر توني لم تنفع محاولات خالتي بتأجيل زيارة قبره إلى الصباح أو حتى ان تأتي معي... اخبرته بالكثير و الكثير
عدت صباح اليوم التالي إلى الشقة دخلت مباشرة إلى غرفتي ونمت بعمق ولم انتبه إلا على وقت الغروب سمعت ضجيجاً خارج الغرفة خرجت من الغرفة مسرعاً مرعوباً ,المكان كان مظلماً لا أحد ,إذاً ما هذه الاصوات التي سمعتها قبل قليل ؟بدأت اسير باحثاً عن زر تشغيل الاضواء وما أن اشعلت النور حتى قفز مجموعة كبيرة من اصدقائي في وجهي وقالو بصوتٍ واحد :مبارك تحقيق حلمك روك
ارتعبت في البداية ثم قلت صارخاً :حمقاااا!!! ارعبتموني
ضحكوا فضحكت معهم ,كانت خالتي و العم جيرو قد اعدوا حفلاً بمناسبة ما فعلته كان حفلاً فيه الكثير من الهدايا و المتعة ,وفقط و هانا انا امامكم روك ليّ بعد عشر سنين أخرى...
ماتيلدا بصوت متقطع :عز..يز..ي ر..روك –سقطت دموعها
مسح روك دموعها وقال :انتِ مريضة يجب ان ترتاحي لا ان تبكي
ماتيلدا :خسرت امك و ابيك ومنزلك و اخيك ,اعلم انك كنت تتألم
بدا على وجهه ريو التأثر وآثر الصمت ظاهرياً بينما قال فِ نفسه : هل شعور الأم والأب الحقيقين كما أشعر به الان تجاه ماتيلدا و جوليم ؟ 
 تذّكر لينس والديه وماضيه معهما ثم مالبث ان مسح دمعةً سقطت بسرعة وتمتم : إنهُ داعمٌ آخر لي يجعلني اقفُ على قدمي و اواجه الحياة من جديد ، نعم روك يجبّ علي ان اكون مثله قوياً مُتفائلاً .
 جوليم :هُناك قاعدةُ اكررها دائماً وهي صحيحة في نظري ,من يحملُ ماضياً مؤلماً يملكُ مستقبلاً مُشرقاً –نظر إليهم و أضاف :و انتم امامي الان تطبيقَ عملي لهذه القاعدة.
ابتسم روك وقال :هوي جميعكم ما بكم الان ؟الامر ليس بذلك السوء –نظر اليهم وقال :لنقل فرضاً انه لم يمت أمي و أبي بالطبع كنت اتمنى أن لا يحدث ذلك ,لكن لنقل انهم لم يموتا ,ربما لم اصبح محقق لم التقي بكِ  في أحد القضايا و اتزوجكِ لم أكن التقي بأخي الصغير ريو و لم اكن التقي بأخي لينس الطفل الاحمق و لم أكن التقي بجوليم الطباخ الماهر .و ايضاً انا لم أخسر امي كلياً –نظر إلى خالته جين-
لم ينطق احدهم بشيء ,تنهد روك وقال :هيا ابتسموا خذوا الجانب الايجابي مما حدث ,انا سعيد لأنني التقيت بكم وسعيد بحياتي الان
ريو : لم أكن اعلمُ انني سبب سعادة احد ، فِ الحقيقة أن أكون سبباً فِ سعادة احدٍ ما ؟ هذا بحدِ ذاته يجعل حياتي ذات قيمة .
عانقه روك وقال :مُخطأ يا أخي انت لست سبباً في السعادة بل انك سعادتي ذاتها
 تنهد لينس ثم قال بصوتٍ يلمؤهُ الغرور محاولاً إبعاد حُزنه :بالطبع ستكون سعيداً لحصولك على اخِ مثلي
روك بسخرية :قد أكون سعيد لكنك أنت اكثر سعادة لحصولك على أخِ كبير مميز ولطيف و عبقري مثلي
ماتيلدا :و الشركة؟
روك :لا تزال الارباح تأتيني من عمل العم جيرو و يبدو انه سيجعل ابنه يديرها من بعده –تنهد وقال :لدّي الاموال الكثير منها فكرت كثيراً بشراء بيت بدلاً من الشقة التي نسكنها وخاصة بعد أن تزوجت وقلت ربما ماتيلدا تريد أن تعيش في بيت كبير بدل الشقة لكنني لم استطع ربما لأنني لم ارد ان افقد مكان عيشي ومكان ذكرياتي مجدداً
قالت ماتيلدا بعد ان وضعت يدها خلف رأسها :لا أريد فتنظيف بيت كبير أمرَ متعب جداً ,ثم ان الشقة التي نملكها طابق كامل و كبيرة وتكفينا جميعاً فلما البيت
اكتفى روك بابتسامة وقال :شكراً لكِ
ابتسمت ماتيلدا ثم قالت :قالتها تلك الاميرة...
جوليم :الاميرة؟
جين :أنها تقصد الكاتبة وجدان
ابتسم روك وقال :ذكريني ماذا قالت؟
قالت :في كتاب وغداً أجمل " ليس كل شيء نبتلى فيه نيأس ونقول بأن الحياة تكرهنا .. لو نفكر قليلا لوجدنا بأن هناك اشياء لم تكن ستحدث لو لم نمر بهذا الحدث .."
ابتسم روك وقال :صحيح تماماً –صمت لبرهة و اضاف :كالعادة صاحبة الذاكرة الفولاذية لا تخسر في تذكر الامر ,بل إنها لا تخسر ابداً
ابتسمت ماتيلدا لكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها فكالعادة فاشلة في اخفاء ما تشعر به في قلبها ,ادارت رأسها وقالت بحزن :بل خسرت ,خسرت أمي
ضربها روك على رأسها وقال :حمقاء و هل تسمينها اماً في الاصل ؟,بالإضافة هي من خسرت فتاة جميلة ولطيفة وذكية ايضاً
نظرت له ماتيلدا و ابتسمت و قالت :روك...
ادار روك رأسه وقال :اضيفي اليها حمقاء و مزعجة و مخيفة
اطلقت ضحكة خفيفة ثم استدارت لريو و لينس و جوليم الذين ظهروا فوق رؤؤسهم علامة استفهام كبيرة و قالت :سأزيل هذه الملامح المندهشة
نفى ريو وقال :يبدو انه يحزنكِ كثيراً فلا داعي لذكره
اجابته ماتيلدا :ما فائدة العائلة إن لم تتشارك الهموم؟
ابتسم لينس وقال :اختي إذا كان الحديث يريحك فتكلمي
استلقت ماتيلدا على السرير وبدأت تتكلم وهي تتأمل السقف :ولدت في بيت صغير ’منذ ولادتي و انا ارى الشجار التي تفتعله أمي مع أبي لأتفه الاسباب كان ابي طيباً جداً لكنه كان مريضاً بالضغط و امراض اخرى ,كانت امي لا تهتم به و لا تهتم بصحته و الطعام الذي يجب ان يتناوله كانت دائماً تصرخ ودائماً تعاملني بعنف ,استمر هذا الحال حتى لم يفصل عن احتفالي بعامي الثامن اسبوعين ,لكن أبي توفى في هذا الوقت حزنت كثيراً لكن على العكس من أمي التي كادت تطير من الفرحة ,لم يمضي شهرَ واحد من مماته حتى تزوجت غيره كان ضخم الجثة قاسياً وشرساً معي كله بسبب أمي التي كانت تهينني امامه و كانت تقول أنني خطأ حياتها ,نعم هذا ما كنت عليه في نظرها خطأ حياتها الذي يذكرها بأبي ,اصبحت أُحتجز في غرفة خشبية بالية مظلمة جداً اذا كان هناك طعام يكون من فضلتها هي و زوجها الذي مضى عليه ايام ,ليتهم اكتفوا بهذا فقط بل انها كانت تسمح لزوجها بضربي و تعذيبي حتى اسقط من الالم استمر هذا الوضع خمس سنوات قررت بعدها الهروب من المنزل ,وفعلاً هربت لم اعلم اين اذهب ,على الاغلب اغشي عليّ في أحد الشوارع و عندما فتحت عيني وجدت نفسي في قصر كبير
علمت بعدها أن عجوزاً وجدتني ,اخبرتها من انا و انني هربت و اخبرتها بكل شيء عن امي و زوجها قررت من بعدها ان تتبناني ,ربتني و كأنني ابنتها فعلاً لم تفرق بيني وبين ابناءها و نفس الامر بالنسبة لهم اعتبروني اختهم حقاُ درست التحقيق و اصبحت محققة وتعلمت فنون الدفاع عن النفس حتى لا يتجرأ احدهم على ضربي مجدداً مثل ما كان يفعل بيّ زوج أمي ,بعد سنوات توفت التي كانت مثل أمي تقاسموا ابنائها الإرث و حاولوا معي ان اشاركهم فيه لكنني رفضت استأجرت لي شقة وبدأت اكتسب رزقي من عملي كمحققة و احضرت فتاة لتساعدني في العمل لكنها اصبحت مثل اختي الكبرى ,لكن بسبب ما عشته في الماضي كنت اخاف الظلام بل ارتعد منه اتذكر الالم ولا استطيع الحراك فيه ,لم استطع التخلص من هذا الخوف إلا في احد القضايا بعد أن تأذى روك بسببي وكانت أختي الكبرى (شانون)  تموت ايضاً لأجل ان ابقى سعيدة في هذه اللحظة احسست انه لا داعي من الخوف و تشجعت و لقي المجرم مصيره الذي يستحقه من الضرب كنت انوي ضربه أكثر لكن وصلت النجدة و خرجت بشانون لكي يسعفوها وهكذا فقط أنا امامكم ماتيلدا ماربل ,لم اعلم حتى الان اين او ماذا حصل لتلك التي انجبتني حتى لا أعتبرها اماً حقاً في الحقيقة احياناً كنت اتمنى انني ولدت بدون أم على ان ارى اماً قاسية تعذبني
ريو :حقاً إن الامر كما قال اخي الكبير هي التي خسرتك –اقترب منها وهمس في اذنها :أمي الحنون هي لم تجرب ذلك الشعور الذي جربتيه بأن يكون لديكِ ابن لطيف جميل و ذكي و يحبك كثيراً
ابتسمت ماتيلدا وقالت :تمدحني أم تمدح نفسك الان
قال ريو :الاثنين معاً –ضحك وقال :امزح ,ما كنت اعنيه انها قد خسرت و لم تجرب ذلك الشعور الجميل –صمت لبرهة وكأنه يفكر وقال بعد تنهيده :انا سيء في هذه الامور على كل حال انتِ فهمتي ما اعنيه
ضحكت ماتيلدا وقالت :ابني اللطيف , لا تشرح فالأم لا تحتاج إلى تفسير كل كلمة يقولها ابنها
لينس :اختي لا تجعلي هذا الامر يحزنك بالفعل هيّ خسرت ماتيلدا رائعة لن تجد مثلها أحد
ابتسمت جين وقالت :ابنتي ماتيلدا ,انتِ قوية فعلاً رغم كل ما حصل معكِ إلا أنكِ دائماً مبتسمة ومتفائلة –ضحكت وقالت :اتمنى ان تتخلصي من خوفك من الحشرات كما تخصلتي من خوفكِ من الظلام
ضحكت ماتيلدا وقالت :هذا امرَ مستبعد
روك :حمقاء ,لقد كذبتِ فانا و شانون لم نتأذى بسببك لا أعلم كم مرة يجب عليّ ترديد ذلك
ماتيلدا :لا داعي لتردديه فقد حفظته –قلدت صوت روك وقالت :ليس بسببك بل إنه لأجلك
ضحك الجميع ...
قالت بعدها ماتيلدا :صحيح روك ,لما دائماً تردد أم توني ولم تقل اسمها؟
روك :على أمل ان تعرفي من هيّ لكن يبدو انك لم تعرفيها
ماتيلدا بسخرية :كيف اعرف شخص لم التقيه من قبل
جين :بل التقيتي بها
ماتيلدا مندهشة :التقيت بها!!!!؟
روك :إنها الخالة كيتي ,التي اتت مع خالتي جين في جريمة الشيطان الاحمر
قالت ماتيلدا بعد ان تذكرت :اه صحيح ..!! هل هيّ أم توني؟!
جين :نعم
جوليم :الكل هنا كان لديه ماضيه الأليم ,لكنهم استطاعوا تحويله إلى حياة سعيدة و مستقبل رائع
ابتسم روك ,ريو ,ماتيلدا ,لينس وقالوا :صحيح.
ريو :إذاً هذا هو الاخ الذي فقدته ,و الدب و سبب تسميته بهذا الاسم عرفت اخي الكبير اكثر الأن
قالت ماتيلدا بعد ريو مباشرة :لحظة ,روك قُلت انك كنت ترتاح في المكان الذي فيه اشياء امك و ابيك لكنني لم ارى شيء مثل هذا في المنزل
ابتسم روك وقال :اوه هذا المكان ,عندما تخرجين من المشفى سأريكم اياه
ماتيلدا :هل هو في شقتنا!!
روك بهز كتفيه :من يعلم
ابتسمت جين بمكر وقالت :لا تخبرها ,اعتقد انه أفضل عقاب لماتيلدا لنجعل فضولها هو عقابها
جوليم :هذا السؤال سيبقى يشغل ذهن ماتيلدا طوال الاسبوع
ماتيلدا :خالتي انتِ قاسية
ريو :لسنا الوحيدين من يجب ان نُعاقب دائماً
ماتيلدا :هيا اخبرني ؟هل هو في شقتنا ولم اره من قبل ؟
مدد روك جسده وقال :هل يا ترى يجب ان نخرج في نزهة الان ؟نعم اظن ذلك منذ زمن لم احظى بنزهة هادئة من دون ثرثرة
ماتيلدا :لن اسمح بذلك ,انت السبب في ابقائي اسبوعاً كاملاً ستبقى بجانبي الاسبوع كاملاً
روك :ألا يكفي انكِ جعلتني اتعقد من الرقم سبعة ,ففي السابعة و العشرين كدتِ تموتين
جين :اعتقادات غبية
روك :ربما سأكمل السبعة اشياء ايضاً
ماتيلدا :اصمت ,كلمات متشائمة غبية
روك :كنت امزح فقط
لينس :عجوز و ثرثار و ايضاً متشائم
روك :انت تزعج الاستاذ أيها الطالب الطفل الأحمق
ريو :لِما لا يضعون مكتبة في المشفى ؟
ماتيلدا :اعتذر لقد افسدت عطلتكم
ريو :لم اقصد ذلك ,ثم حتى إن لم نكن نقرر أن نفضي العطلة هنا وسمعنا بما فعلتيه من تهور سنأتي بالطبع
روك :في المرة القادمة عندما تنامين سأتأكد فعلاً انكِ فعلاً قد نمتي
لينس :حتى لا يصبح العجوز وسادة مرة اخرى
روك :لم يكلمك أحد أيها الغبي
جين :ستعاقبان انتما الاثنان
روك :هو من بدأ ما ذنبي أنا إذا كنتم ستعاقبون أحد عاقبوه هو
لينس :هل انت اخ كبير فعلاً ؟تلقي بكل مشاكلك على اخيك الأصغر بدل ان تأخذ انت من مشاكلهم
استدار روك لريو وقال :لما لا نتحدث في أمر يليق بمقامنا النبيل عوضاً عن احاديثه السخيفة –تنهد و أكمل :لا اعرف كيف تتحمل هذا المزعج في البيت و المدرسة
ريو :انت هو الوحيد الذي تفهم كيف افكر و اشعر
مضى الاسبوع ,وخرجت ماتيلدا من المشفى و في شقة روك...
روك :اهلاً بكم في المنزل الذي عشت فيه عشرين سنة
لينس :اه هذا يثبت كم انت عجوز فعلاً
روك :جوليم ,هل احضرت عصاك الخشبية؟
ماتيلدا :ادخلوا بدون تفاهات
جين :ابنتي ماتيلدا ,من الان اخبركِ لن تجهدي نفسكِ بأمور التنظيف كما قال الطبيب يجب عليك عدم الحركة كثيراً خاصة خلال هذا الاسبوع
ماتيلدا :لكن من سيساعدكِ في الاعمال المنزلية؟
جين :بالطـ...
قاطعها روك وهو يقلد صوت خالته جين :بالطبع روك ,فماذا سيفعل إن لم يساعدني –تنهد و اعاد صوته :لا تقلقي كنتِ انوي فعل ذلك من دون حتى ان تقولي
ماتيلدا :استطيع الحركة ستساعد في الامور المتعبة فقط ,حسناً سأذهب لأعد القهوة و الشاي
روك :الامور المتعبة هي التي تتعب أي عقل تمتلك ماتيلدا
جين :تفضلوا
بعد ربع ساعة عادت ماتيلدا وبيدها الحلوى و الشاي و القهوة وقالت :تفضلوا
تناولوا الحلوى وهم يتحدثون و لم يخلوا الحديث من الشجار ...
ماتيلدا :الم ينتهي عقابي بعد؟
روك :اوه اظن ذلك ,هل انتم متشوقون؟
ريو :هيا في أي غرفة
لينس :العجوز يستخدم أساليب قديمة للتشويق
جوليم :انت تجلب المشاكل لنفسك يا لينس
روك :انها تحتكم
انزل الجميع رأسه للأسفل ثم قالو :ما هذه السخافة!!
روك :فعلاً انها تحتكم –نهض و سحب السجادة الحمراء ,و قال :هنا ممر سري إلى الشقة التي تحتنا هي المكان الذي وضعت فيه اشياء أبي و أمي –جلس على الارض و رفع قطعة من الارض وظهر درج وقال :تفضلوا لتروا اخر سر من اسرار روك
جين :هيا ,لننزل
نزلوا جميعهم على الدرج المؤدي للشقة ...
كانت عبارة كلها عن غرفة واحدة ,كانت جدران الغرفة الثلاثة مليئة بالايطارات و الصور و أما الرابع كان مليئاً بالاوراق و الرسائل ,وفيها عدة طاولات تمتلئ بالأغراض لكل من أب و أم روك ...
روك :حسناً قد تظنون انني احمق او شيء من هذا القبيل بأن افعل هذا لكن لنقل –صمت و بدا كأنه يبحث عن كلمة مناسبة ثم قال :يريحني وحسب
ريو وهو يغمز :الم تقل لي ذلك ؟ لا يهم إن كان احمق او طفولياً المهم هو ان يريحك وحسب ,اليس هذا صحيحاً؟
ابتسم روك وقال :صحيح –مشى و اشار إلى اكبر صورة في الغرفة وقال :أمي و أبي و انا التقطناها قبل ان يموتا بيوم في الصباح قبل ان اذهب للمدرسة...
كانت مارتينا قصيرة القامة بيضاء البشرة ذات شعر اشقر قصير و عيون زرقاء واسعة و كانت ملامحها جميلة جداً ...
كان مارتين يقف بجانبها وكان طويل القامة اسود العينين ذا شعر بني داكن و وسيم جداً
في الوسط كان روك ذا السبع سنين يقف بينما
ماتيلدا وهي تتأمل الصورة :كُنت لطيفاً
روك : كُنت وما ازال لطيفاً
ماتيلدا : العينين من أمك و الشعر و الطول من ابيك
روك :هل تحللين جيناتي الوراثية الان ؟
ماتيلدا :لو كان شعرك اشقر مثل امك ربما اصبحت أجمل
روك وهو يسير :لا يهمني رأيك  
جين :مارتينا كم اشتقت لها
فتح روك مذكرة كانت قد وضعت على إحدى الطاولات وقال :مذكرة أمي سأقرأ عليكم أحد صفحاتها ...
(اليوم اصبح روك في الصف الاول من المدرسة ,اتمنى ان اراه يكبر و ارى ابناءه و زوجته ,بالحديث عن زوجته يا ترى كيف ستكون ؟اريدها ان تكون لطيفة و جميلة و تحب روك وتهتم به لا بأس حتى إن كانت حمقاء مثل اب روك لكن اتمنى ان تعتني به و ان تتحمل مشقة ايقاظه كل صباح ) –استدار لماتيلدا وقال :و كأنها كانت تعلم بأنني سآخذ فتاة حمقاء
ماتيلدا :ليتك كنت لطيفاً مثلها ,وكأنها فعلاً تعرف تلك المعاناة التي اعاني منها في كل صباح
في حين ضحكت جين وقالت :مارتينا كيف تفكر في ذلك و روك لا يزال في السابعة إنها تضحكني
وضع روك مفكرة امه و أخذ مفكرة ابيه و استدار لريو ولينس و قال :أظن أن ابي كان يعينكم فيما كتب في أحد صفحات مفكرته
ريو :هل يمكنك قراءتها؟
روك وهو يبحث بين الصفحات :كنت سأفعل هذا بدو...اه وجدته اسمعا               
(اليوم اعطيت مارتينا الحمقاء هاتفي لتضعه ليتم ملء البطارية من جديد لكنها نست اين وضعته وظللت طوال اليوم ابحث عنه في نهاية المطاف و جدته داخل حذاء روك ,ثم قالت انها وجدت حذاءه على الارض عندما كانت في الطريق لتضع هاتفي ليتم اعادة شحن البطارية وضعت الهاتف في الحذاء من دون ان تشعر ,اتمنى ان لا تنقل هذه العدوى لروك ..روك لطيف جداً اتمنى أن يكون اخاً كبيراً لأخ يكون ذكياً مثله ويفهمان بعضهما ,و لا بأس ان كانا دائمي الشجار المهم هو ان يحبا بعضيهما ..يخافون على بعضهم ويقلقون على بعضهم ..) فقط
ابتسم ريو وقال :يقصدني بالذكي
لينس بأحباط :إذاً أنا صاحب الشجار
جوليم :المهم انكم أخوة
روك :صحيح أحبكما كثيراً ,حتى وان كان هذا الطفل يزعجني –امسك بيديهما وقال :تعاليا سأريكم الرسالة التي اخبرت فيها أبي و أمي عن حصولي لأخوين و طباخ ماهر
في حين قالت ماتيلدا في ذاتها وهي تتأمل روك : يُحب ماضيه و هذا ما اراه فهو دائماً كثير الشجار معي ربما ليتذكر شجار امه و ابيه , تسميته لريو ولينس بالاخوة ليتذكر توني – ابتسمت و اكملت بصوتٍ شبه مسموع : و ادوات امه و ابيه , فعلاً الانسان يبقى بداخل كُل قلب كُل واحد منا طفل يعيش فيه ... يرسل لهم الرسائل وهو يعلم انها لم تصل –ضحكت برقة و اكملت في ذاتها : و تسميني طفلة ايضاً !
بعد أن شاهدا ما قصده روك و قرأ الورقة ...
ريو : اوي روك اريد رؤية توني ! 
روك بهمس :تعال سأريك اياه لوحدك إن رآه لينس لن اسلم من سخريته 
لينس : على ماذا تتهامسان ؟
روك :احاديث النُبلاء 
لينس : اعتذر لإزعاج النبلاء !
 جوليم : لينس إهدأ لا تفتعل شجاراً الان ، ايضاً نحنُ للتو دخلنا على الاقل بعضُ الاحترام !
ريو بنفس الهمس : لاتقلق لن أخبر احداً ولن أريهُ احداً ، انا لستُ ثرثاراً. 
كتم روك ضحكته وقال :اعتذر لكوني ثرثار -امسك يده وقال :تعال هو ليس هنا ،سنخرج من هنا و نعود اليهم 
لينس : النُبلاء على انفراد -رفع صوته- ماتيلدا هل تريدين ان أساعدك في اعداد القهوة ؟ 
ماتيلدا :اوه بالطبع يا اخي ،يجب على العجوز ان يتعلم منك 
لينس : نبيلٌ عجوز ثرثار -ضحك-
روك :وهل النُبلاء يعدون القهوة او يفعلون هذه الاشياء؟ 
جوليم : أمي العزيزة هل لكِ بالتدخل ؟ 
جين :بالطبع ،كنت انتظر ان يكثروا من الشجار حتى يزداد عقابهم اكثر 
ريو : اوه ، جدتي العزيزة هل انا ضمن العقاب ايضاً ؟ 
روك :حتى جوليم اصبح شرير -تنهد وقال :كفاك ثرثرة يا اخي وتعال حتى أُريك اياه 
ريو : اوه صحيح نسيتُ الامر .
روك :تنسى كثيرا -ضحك و اكمل :لا يهم 
لينس : تأثرت منه وبدأت تنسى ، ايها الطفل النبيل الكثير النسيان .
جين :لينس سيكون عقابك مُضاعفاً 
ريو : كأنني سمعتُ احداً يتكلم ؟ لايهم يبدو انني اتخيل ، لنذهب .
لينس : عندما يمرّ يومٌ دون عقاب ، سأسجلهُ في تاريخِ كيومٍ اسطوري !
جين :عندما يمر يوم دون شجار سأسجله في التاريخ كيوم اسطوري ! 
صعدا عبر السلم إلى الشقة مرة اخرى مشيا حتى وصلا إلى غرفة نوم روك و ماتيلدا قال روك وهو يجلس على السرير :كما قالت صاحبة الذاكرة الفولاذية لا استطيع النوم بدونه 
اخرج روك من تحت الغطاء دباً بنياً متوسط الحجم وقال وهو يكتم ضحكته :هذا هو توني 
ريو : انهُ يذكرك به إذناً ! -اكمل بحزن- انا اعتذرُ منك عزيزي روك لم أكُن اعلمُ انني كُنت اعيد نفس الذكرى الاليمة لك بكتماني ذاك الامر .
ابتسم روك وقال :لِما تعتذر ؟هيا ابتسم و لا بأس كان ماضياً و انتهى صحيح ؟ 
لينس وهو يُنادي : اوي ايها النبلاء لقد حان وقتُ القهوة والحلوى .
ضحك روك وقال :ذلك الطالب الاحمق لن يتغير 
تنهد جوليم : لينس يبقى لينس .
رفع ريو صوته : حسناً ايها البشري قادمان .
وضع روك الدب و قال وهو يضحك :يا الهي 
أمسك ريو يد روك وسحبه وقال : هيا قبل ان يغضبوا .. وداعاً توني تشرفتُ بلقائك .
ابتسم روك و قال في نفسه :سأحميك أخي دائماً ,لن اخسر أخي مجدداً ولن اخسر شيء احبه مرة اخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

مهما كان الزمان قاسي سأظل احبه ...
مهما سألوني : متى ستيأس ! متى ستتوقف ؟
فلن اجيبهم لأن في داخلي قناعة تقول " تكمن السعادة حينما تتحدى  اليأس و تصبح سعيداً عندما تهزمه "

·       كانت اوقات جميلة بصحبتكم قرائيّ ...احبكم جميعا
·       بقلم : حوراء العريفي