الأربعاء، 20 يوليو 2016

" شعب فيلغيت "





" شعب فيلغيت "

حكايةٌ أسردها بأسلوبي الأدبي البسيط ، فيها مِن الغرابة الكثير عليكم لأنها في عالمٍ و أبعاد أخرى.

قد تحسد من يمتلك القدرة على الطيران ، التخفي أو التنقل مِن مكانٍ لآخر و غيرها من القدرات المسماة لديكم " خوارق ".
و أنا أيضًا كنت أحسدهم حيثُ كنت مثلهم شكلًا لكن فارغًا من طاقة القدرة.
ولدتُ دونها ، كان حدثًا هزّ المملكة و جعلها تمور.
علماء القدرة - و هم من تخصصوا في دراسة طاقتنا التي تجعلنا نمتلك هذه القدرات - وجدوني خاوٍ مِن أي طاقة.
و لأني لا استطيع الافصاح عن اسمي سأقول أني ( أ )
قالوا لي : ( أ ) أنت ولدت دون طاقة ، طاقتك ضائعة .
توسلت و رجوت لأن يعرفوا السبب و يجدوا حلًا.
بشفقةٍ تطوع أحدهم لتولي حالتي سأطلق عليه ( ب ).
( ب ) : يجب أن أقوم بفحص والديك فقد علمنا أن والدك فقد جزءًا من طاقته عندما تزوج.
سعدت بهِ ، تشبثت بهِ تشبث الجذور بالتربة .. كان أمل حياتي و شمعتها التي ستنيرها  و من يبدد ليلي الديجور الدائم.
لكن .. أتت ريحٌ اطفأت نار الشمعة حين رفض أبي و أمي الخضوع للفحص حيثُ تحججا بأن فيه استنزاف كبير للطاقة.
بذل ( ب ) جهدًا للإطاحة بأبي لكنه بفضل قدراته استطاع النجاة دومًا و انقاذ أمي معه.
طلبنا العون من الملكة لكن قُوبلنا بالرفض لأن لا قانون يجبرهما على الخضوع للفحص.
دب اليأس في قلبينا ، لا معين يعين و لا راعٍ يرعى.
قلتُ يومًا لـ ( ب ) : لم أرَ أمي قبلًا تُظهر قدرات فائقة بل فقط بعض القدرات البسيطة كالطيران لمسافاتٍ قصيرة أو تنتقل من بيتنا للدكان.
تقارب حاجباه : ( أ ) هل أنت متأكد مِن هذا ؟
أجبته : نعم ، و ربما لأن أبي فقد بعضًا من طاقته اصبحت خاوٍ من الطاقة.
نهض و حملني : سنذهب إلى منزلك ( أ ).

ثانيةٌ أو اثنتان و نحن وسط منزلنا ، تأملت وجه ( ب ) و إذ بالدماء متجمعة في خديه ...
سألته : ( ب ) لم أنت منفعل هكذا ؟
لم يجبني أو ينبس ببنت شفةٍ حتى استوى والديّ واقفين أمامه.
( ب ) : يا والدة ( أ ) هل يمكنكِ أن تنتقلي بـابنك إلى منزلي ؟
استنجدت بالنظرات لأبي الذي حينما همّ بالحديث كان ( ب ) خلفه ويداه حول فمه.
قال العالم محذرًا أبي : إن تحدثت بكلمةٍ سأفضحك .
أبعد يداه موجهًا الحديث لوالديّ : قلت أن زوجتك يتيمة و تعيش في ذلك المنزل الذي لا يسكنه أحد و لصقت نسبها بزوجين ماتا قديمًا
فقدت جزءًا من طاقتك بعد الزواج ، زوجتك طاقتها ضعيفة و ابنك بلا طاقة.
كُل هذا يجعلني استنتج امرًا واحدًا ،
جفلتُ ، أحسست بأن ( ب ) يهم بقول امرٍ خطير قد يمسنا جميعًا بالسوء و يضع أبي و أمي على المحك
حثه والدي أن يكمل حديثه ، كان يسخر ظاهرًا لكن اضطراب صوته يخبرك كم هو خائف :" نعم ماذا استنتجت يا ( كيندي ) هذا الزمان ؟.

كيندي مجرد اسطورة في عالمنا ، ربما كان حقيقًا يومًا
يُقال أن له القدرة على تمييز المجرم وحل الالغاز جميعها بعد بضع دقائق من دخوله لمسرح الجريمة أو قراءته اللغز.
اجابه ( ب ) : إن زوجتك ليست فيلغيتية.

" شعب فيلغيت " و الفرد " فيلغي " هذا مسمانا في عالمنا.

حينما لم يجب أبي أكمل ( ب ) : و استخدمت جزءًا من طاقتك لتجعل شكلها الخارجي فيلغيتية و لتمتلك القدرات لكن قدراتها محدودة لأنها تمتلك جزءًا من طاقة الفيلغيت لا طاقة كاملة و كون كلاكما ناقصا الطاقة ظهر ( أ ) معدوم الطاقة.
بُهت والدي و خرا على الأرض يرجوان ( ب ) بأن يكتم سرهما.
بكثيرٍ من الرجاء و التوسل وافق ( ب ) و اشترط أن يعلم بالأمر كاملًا ليكتمه كاملًا.
قصّ أبي حكايته و الذي لهذا السبب وجهت لكم حكايتي هذه.
أمي فعلًا ليست فيلغيتية كما قال ( ب ) بل أتت لعالمنا عن طريق الصدفة و عندما رأت أشكالنا وقد بدت غريبة عليها اعتكفت بيتًا في أقصى مملكتنا و كانت تقطف الطعام من بساتيننا.
في يومٍ ما ، كان لدى أبي مهمة بالقرب من سكن أمي
كان ابي جاسوسًا ماهرًا , عمله متواصل و يعتمد عليه الامبراطور في كثيرٍ مِن المهام التي تضع المملكة على المحك ، لأبي الفضل في كون هذه المملكة باقية حتى الان.
في تلك المهمة نفد الطعام و الشراب من أبي و من الخطر البحث عن طعام لأن خطر هذا الامر سيقتله و يهدم أركان المملكة.
اشتد به الجوع و العطش حتى سقط مغشيًا عليه.
شعر الحراس بهذه الحركة لكن عندما وصلوا لم يجدوا أحدًا فأمي سبقتهم.
اهتمت به و مدته بالطعام و الشراب و اخبرته أنها أتت مِن ابعادٍ أخرى ، بعد البشر.
و كونها بشرًا ظنت أنهم لم يشعروا بوجودها أو بطاقتها لاختلافها عنهم .
أكمل مهمته مستعينًا بأمي وصعب عليه فراقها فقرر الزواج بها.
واجهته مشكلة الشكل و القدرات فمدها بطاقته ، مثل هذه العمليات تؤدي الى موت الاثنين لكن أبي كان ماهرًا و جسد أمي انصاع للطاقة فبدل شكلها و منحها القليل من القدرة.
ما يزال أبي قويًا لكن ليس كالسابق ، كانت قدرته تعدل عن عشرة رجال من الفيلغيت أما الآن فتمثل اثنان أو حتى واحد فقط.
كنت فخورًا بأبي فذهبت و عانقته قائلًا :" من أجل من انقذت حياتك فعلت هذا ، أنا فخورٌ بك كثيرًا ".
قال ( ب ) : لكن لن أسمح لك بأن تفعل ما تفكر فيه.
هنا علمت أن لـ ( ب ) القدرة على قراءة الأفكار
تحدثت أمي و القلق اتشح صوتها :" ماذا تنوي أن تفعل ؟".
حثثته : قل أبي .
جلس أبي على الأريكة و أطاع : سمعت في البلاط الملكي أنهم يودون التخلص من ابني لأنه خطرٌ على شعب فيلغيت .
رددتُ بعجب : أنا خطر ؟.
فأجاب ( ب ) : ستكبر ، تحب تتزوج و تنجب ابناء من الممكن أن يكونوا مثلك و هؤلاء يحبون و ينجبون ابناءً بلا طاقة و هكذا دواليك فيكثر امثالك في المملكة .
ساد صمت ثقيل على المكان ، استمر دقائق حتى قطعه ( ب ) : هكذا هم يفكرون.
سألته : و أبي ؟.
أجابني : التخلص من حياته لأجلك.
تصلبت ملامح وجهي ، عجز لساني عن النطق
لن اسمح بهذا أبدًا ، جالت الكثير من الخواطر صدري و عبثت بمشاعري و جعلتها تمور.
صرحت برفضي لهذا : لا أقبل بهذا أبدًا .
رفع ( ب ) يده مانعًا أبي من قول أي شيء و طلب من الجميع الانصات إليه.
( ب ) : المملكة بحاجتك يا والد ( أ ) و زوجتك لن تعرف ماذا تفعل إذ أنت مت من سيكون سندًا لها ؟ و إذا اكتشفوا امرها ستقتل لا شك .
لا امر جيد في فكرتك ، أما أنا فموتي و حياتي واحد لا زوجة و لا صاحب شأن او ذا اهمية في المجتمع
لن اقتل نفسي لكن سآخذ ( أ ) إلى عالمه و اذهب معه .
قال عالمه لأن شعب الفيلغيت ينسب الولد لأمه.
لا جواب منهما و توتر الجو بسبب هذا الصمت فكسرته قائلًا : أنا موافق ، أبي أمي أنا أحبكما و لا أريد موتكما و ( ب ) بمثابة اب اخر لي يحبني و أعلم أنه سيحميني بكل قوته و قدرته هكذا سنحيى  جميعًا.
وجدت ملاذي في حضن أمي ، و يد أبي تداعبني
قضيت معهم الليل بطوله لم أنم ، كنت أودع أمي و أبي بحبٍ ، بلطف و بحزنٍ كتمته حتى لا أزيد حزنهما حزنًا

حلّ الصباح .. حلّ الوداع
علم أبي بطريقته أن هناك امر بأخذي من المنزل منذ بزوغ الشمس.
أبي : في المكان الذي حولت فيه والدتك هناك طاقة فائضة لا تغادر المكان و الامر الذي تودون فعله يحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة و تلك ستساعدكم لنجاح ما تودون فعله.
هز ( ب ) رأسه المربع : فهمت ، اخبرني به تمامًا و أرجو منكم المساعدة في النقل و امدادي بالطاقة لأن المكان بعيد كما وصفت قبل قليل و لا وقت لدينا.
تعلقت برقبة ( ب ) و صنع هو و والدي حلقة من ايدي متشابكة.
اشعر بقوة لم اشعر بها قبلًا ، طاقة قادرة على تدمير منطقتنا كلها
لم يدم هذا الشعور طويلًا حيث وجدت نفسي في منزلٍ شعرتُ حينما لامست قدمي أرضه بالحنية.
نبهني ( ب ) : ( أ ) انظر . و أشار إلى رقبتي.
اخفضت رأسي و إذ به سلسال أمي الذي يحمل قاعدة تفتح فتكشف عن صورنا.
كم كان مؤلمًا حبس دموعي ، شعرت بعيناي تحترقان بماء الدمع الذي جاهدت نفسي ليبقى داخلها.
أخبر ( ب ) : هنا طاقة كبيرة ، تكفي لنتحول إلى بشر و ننتقل لعالمك إذ وحدت طاقتي معها بشكل متقن.
أخبرته أني أثق به و بمهاراته و قدراته ، هذا الحديث حفزه حيث ابتسم و رأيت القوة تحيط به من كل حدبٍ و صوب.
قعدت في منتصف المنزل ، جعلني بدائرة رسمها تكفيه معي.
جاب المنزل ، كان يتوقف عند نقاط معينة و استنتجت أنه يجمع الطاقة و يحصرها في هذه الدائرة.
أشعر بشيء غريب ، اشخص بصري.
قلت : أطرافي.
فاشار لي ( ب ) بالصمت .
أطرافي بدأت تتغير ، تساءلت أهكذا هم البشر ؟
اقترب ( ب ) بصمته و حال دخوله للدائرة بدأ هو بالتحول أيضًا.
امسكنا بأيدي بعضنا ، الأيدي البشرية.
أمي تحدثت عن اسماء دول غريبة و حددت احداها ، دولة ,منطقة , بيت
و اخبرتنا عن منزلها حيث يمكننا أن نسكن
الكثير من الامور تذكرتها ، لا كلمة تصف شعوري.
كنت فيلغيتيًا و الآن بشريًا ، شكلي لوني حديثي مسكني عاداتي قدراتي.. الخ
كانت رحلة دامت ساعة وقت طويل بالنسبة لمن اعتاد الذهاب الى ابعد مكان خلال دقيقة !

بيت أمي ، كان كبيرًا و غريبًا بالنسبة لي .
الاثاث و الحجم و الادوات و أكثر معاناتي كانت بالطعام.
مررتُ بأيامٍ عصيبة مرت دون مرارة بفضل ( ب ) و قلادة أمي
أفتح القلادة ، أمي هنا استطيع محادثتها .. هي أعظم قوة و طاقة مكنتني من فعل هذا
( ب ) : طاقة الحب و التضحية.

أنا الآن بينكم ، ربما أكون صديقك ، جارك ، مديرك ، استاذك أو مررت بجانبك .. أمعن النظر قد أكون قريبًا منك دون أن تشعر.

هناك 4 تعليقات:

  1. عجييب كالعاده احببت القصه بغرابتها ورونقها الخيالي ولكن تمنيت لو تم وصف شعب الفيلغيت حتى استطيع نسج القصه في مخيلتي بمهاره ...رائعه كعادتك

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا , تعمدت عدم الوصف حيثُ اردت من القارئ أن يبني أشكالًا مختلفة , متعددة.
      شكرًا جزيلًا

      حذف
  2. ربما لا تزال هناك العديد من التساؤلات الفضولية في رأسي لم اجد الاجابة عنها ولكن بعض الغموض قد يزيد من هيبة النص �� رائعة لدرجة لا يمكن لوصف رائعة أن يعبر عنها بحق ! بارك الله بأناملك الموهوبة

    ردحذف
  3. جميلة بحق!!، قصيرة ولطيفة وممتعة جدا، اسلوبك الادبي رائع حقا ! ماشاء الله تبارك الله

    ردحذف