البارت الاول من رواية الرقم المجهول

 على اوتار الشتاء تغنّت , ثلوج من دماء!

أصوات ونَّانات الشرطة التي اشتعلت في منتصف الليل, مقتل فتى في الثامن عشر من عمره , وسقوطه من برج الساعة في لندن مشنوقًا أثار ضجة الشعب حينها .

توقف المفتش –ادوارد – ذو الخامس والثلاثين من عمره أمام الجثة الهامدة في الارض ينظر اليها في حين وضعوا عليه الغطاء البلاستيكي .

فقال متعجبًا : فتى في هذا العمر يملك وجه البراءة كيف له بأن يشنق نفسه ويسقط من ذلك البرج .؟ مالذي كان يفكر فيه..؟

ثم نظر الى الشرطي الذي تقدم اليه وهو يقول : هذه بيانات تفصيلية عن هذا الفتى , اسمه تاكاشي يبورن ياباني الجنسية ووالده أميركي الجنسية , لقد نسب جنسيته لوالدته اليابانيه .

قاطعه المفتش ببرود وهو يقول : يا حبيبي كم مرة أخبرتك ,انا لا اريد قصة حياته , انا اريد امورا عن معارفه, اصدقاءه , مدرسته , اما جنسيته وجنسية جده لا نريدها .

ثم نظر الى الرجل الجالس على الكرسي المتحرك يبكي ومعه ابنته التي كانت تبكي وهي تقود بذلك الرجل .

اقترب اليهم متعجبًا وهو يقول :معارفه ..؟

اومأ له الرجل فقال :انا عمه وهذه ابنتي , لقد صعقت حقًا بأنه انتحر هكذا .

فقالت ابنته وهي تخر باكية تصرخ: لماذا فعلتها تاكاشي , لقد أخبرناك بأن منزلنا هو منزلك .

ثم جلست على الارض تبكي ,تعجب المفتش فقال :ايمكنك سرد الحكاية ..؟

فقالت الفتاة : لقد كان حزينًا في الاونة الاخيرة ,لا اعرف لماذا ,لكن يبدو بأنه تشاجر مع اصدقاءه في المدرسة .

ثم خرت باكية : لقد أخبرني بأنه يريد الانتحار , يا الهي لماذا فعلها لماذا .

شفق عليهم المفتش فنظر الى الجثة وهو يقول : فلتحملوها .

ثم قال بهدوء : لقد كان أحمقًا .

رن هاتفه حينها فنظر الى الهاتف ووجد الرقم اصفارًا فقط , تعجب حينها فرد على الهاتف : نعم ..؟

-بهدوء-: دع الباكية المحتالة بأن تقف حالا , الامر لم يكن انتحارًا ابدًا .

تعجب المفتش فنظر الى الجماهير وهو يقول متعجبًا : من أنت !!..

-:عائلة ثرية تمحو أخطاءها بخدمها , اعتقاد مثير لعقول معوقة!

ثم قال: القاتل الاول هي تلك الفتاة الباكية , والقاتل الثاني من تستريح اقدامه على ذلك الكرسي , لقد دبرت بطريقة محترفة جدًا , حيث كان المساء مغمورًا بالرقص في احتفالية رأس السنة ,الن يصبح الوضع ممتعًا حين يعد الناس الوقت التنازلي لدقة الثانية عشر..؟ فبدل ان ترن  يصبح تطهيرًا لروح ما أخطأت فيغفر لها خطيئتها بخرافتهم القذرة ..؟

صعق المفتش فقال :ماذا.؟

-: افتح مكبر الصوت .

دهش المفتش فأنزل الهاتف من على اذنيه وفتح مكبر الصوت بصمت يسبقه التعجب.

-: آنسه ميشيل , أي الديانات التي تملكينها..؟

صعقت تلك الفتاة فتفاجأ العم ونظر الى المفتش  في حين قال المتصل , ديانة الغفران بالطريقة المتخلفة اليس كذلك..؟ياسادة لما التعقيد والخوف..؟ الامر لم يكن انتحارًا , بل كان تطهيرًا فقط!.

صمت المتصل في حين هرع الناس صامتين بخوف ينظرون الى الهاتف  فقال بعدها بصوت مرتاح : تاكاشي يبورن مجرد لقيطًا وجد في الشارع , اما والدته كانت خادمة لدى هذه العائلة التي صنعت ديانة لنفسها مكونة من قوانين تقول بأن من يخطئ يجب ان يطهره بخادمه , فنحن نعيش وحثالتنا من تموت اليس كذلك..؟

ثم قال : كان تخطيطًا منذ سبعة عشر سنة , فهذه الفتاة عاهرة منذ الصغر .

ابتعد الناس خوفًا منها فقال المتصل : ولأن قوانين الدولة ليست على قوانينكم , اطلقتم الاعلان التطهيري بشكل غريب حتى يغفر لكم وكأنه سقط من السماء الى ما ذلك .

صعق المفتش فنظر اليها وقال : هل كلامه صحيح.؟

نظرت اليه مصدومه وهي تنفي قائلة : لا, لا ليس كذلك.

فقال المتصل : غريب , اليست قوانينكم تمنع الكذب.؟ عمومًا خريطة التطهير وموقع الحدث موشوم على ظهرها , ان استطعت خلع فستانها فسيظهر ذلك , أيضًا ذلك الرجل الجالس على مقعده يستطيع النهوض ليريكم وشم تطهيره هو الاخر , بالأحرى القضية التي اغلقت قبل شهر .

"طوط طوط طوط" أغلق الخط بعدها .

تفاجأ المفتش فنظر الى الهاتف وقال بهمس :ممـ ماهذا!!

فنظر الى الفتاة وعمها الذين تحركوا للهروب فلحق بهم ليمسكهم ,

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد يومين ,

جلس المفتش واضعًا يده على رأسه وهو يقول : هل كان شبحًا..؟ كل ماقاله كان صحيح!!..

ثم صفع نفسه وقال مصعوقًا : انا لا اتوهم صحيح.؟

فنظر اليه الشرطي المتكئ على كرسيه ويمضغ العلكة وهو يقول بطريقة مقرفة : انها الصفعة الخامسة , لا بأس لقد حُلت القضية وانتهى الامر .

اغتاظ منه المفتش فقال متقززًا : امضغ العلكة جيدًا او اخرجها .

دخل شرطي الى الغرفة فجأة وهو يقول :سيدي المفتش , لقد قبضنا على تلك العائلة بأكملها , كانوا جميعهم سيتطهرون بخدمهم , انهم من ذوي الطبقة العالية .

فنظر المفتش الى الشرطي  وقال متحمسًا :انا لا اهتم بهم , اخبرني ! هل عرفت عنه شيئًا ؟.

ابى الشرطي وهو يقول : يبدوا بأنه كان هكرًا فائق الذكاء , لقد محى جميع المعلومات الموصلة اليه .

نظر اليه لوهلة ثم قال متحطمًا :يؤكد لي هذا بأنه شبح حقيقي ,

ثم قال بتعجب :لكن ! كيف علم بأمر تلك الديانه ..؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الجهة الاخرى ,

حيث الظلام يسود تلك الغرفة عدا ضوء تلك الحواسيب المحمولة الموضوعة في الارض , كانت ترصد كاميرات المراقبة لأحد العوائل والشارع والمطاعم , ثم فتح على كاميرة مراقبة الشرطة فنظر الى المفتش وابتسم قائلا بهدوء :دعنا نحزر مافي بالك الان .

ثم قرَّب الصورة فقرأ فاهه وهو يتحدث , ابتسم وأخذ الهاتف واتصل عليه .

عندما نظر المفتش الى هاتفه , وجد تلك الارقام من جديد فرفع الهاتف بخوف .

-: لاتبحث عني !, واستعد لقضيتك القادمة .

"طوط طوط طوط"

فصرخ المفتش وهو ينظر الى ماحوله وهو يقول : من يلعب معي !!.. انا متأكد بأنه واحد منكم .

ضحك ذلك المختبئ بتلك الغرفة فقال بهدوء :حماقتك مفيدة سيد إدوارد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عاد المفتش إلى بيته محبطاً و ينظر إلى الهاتف بغضب و حاول البحث في "المكالمات الواردة "في هاتفه بحثاُ عن وجود المكالمة التي ظهرت على شاشة هاتفه برقم صفر متكرر"00000  " لكن بدون فائدة فالرقم لم يُسجل في الهاتف و كأن لم يردّ الاتصال ابداً ...

لم يستطع المفتش إدوارد النوم تلك الليلة بسهولة و كاد يُصاب بالجنون و يحدث نفسه :من هذا الشخص ؟كيف يظهر الرقم على شكل أصفار في الهاتف ؟كيف علم بالأصل عن العائلة –حك رأسه بشدة في حيرة بالغة و اكمل :تباً ,هل سيظهر من جديد ...يجب ان اهدأ وفي المرة القادمة سأقبض عليه –نظر إلى الساعة و قال :الثالثة فجراً ,تباً لذلك الحقير لم يجعلني أنام –اغمض عينيه بقوة وغيض مجبراً نفسه على النوم –

...